الجيش السوداني يقترب من السيطرة الكاملة على الخرطوم.. والبرهان: لا تفاوض مع المتمردين

يشهد السودان تطورات عسكرية متسارعة مع إعلان الجيش السوداني، اليوم السبت، تقدمه نحو السيطرة الكاملة على شمال الخرطوم، أحد آخر معاقل قوات الدعم السريع في العاصمة.
ويأتي هذا التقدم في إطار المعارك المستمرة منذ أبريل 2023، والتي أسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى، في ظل تعثر محاولات التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وأعلن الجيش السوداني، في بيان رسمي، أنه نجح في تطهير مناطق شرق النيل وكافوري ومنطقة أبو قوتة من شراذم مليشيات دقلو الإرهابية، في إشارة إلى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وتمثل هذه المناطق أهمية استراتيجية، حيث تعد من أغنى أحياء العاصمة الخرطوم ويقطنها أكثر من مليون نسمة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد ركن نبيل عبد الله، أن القوات المسلحة ووحداتها المتحالفة تواصل عملياتها العسكرية لاستعادة السيطرة الكاملة على العاصمة، وسط استمرار الضربات الجوية التي ينفذها الجيش على قوات الدعم السريع في مختلف المحاور.
كما أضاف أن الجيش تمكن من السيطرة على عدة منشآت حيوية، من بينها مقر الإمدادات الطبية ودار صك العملة، وهو ما يعد ضربة قوية لقوات الدعم السريع.
و في سياق متصل، جدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، موقفه الرافض لأي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع، معتبرًا أن “لا تفاوض ولا صلح” مع من وصفهم بالمتمردين. وجاءت هذه التصريحات خلال زيارته إلى مقر سلاح الإشارة بالخرطوم بحري وقيادة القوات المسلحة، في أول زيارة من نوعها منذ أغسطس 2023.
كما حيا البرهان شهداء السودان الذين قدموا حياتهم فداءً للوطن، ومن بينهم شهداء معركة الكرامة، مشيرًا إلى وقوف الشعب السوداني بجانب القوات المسلحة رغم المعاناة التي واجهها خلال فترة الحرب، وأكد أن القوات المسلحة لولا دعم الشعب لما تمكنت من الصمود.
وأشاد البرهان بالقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمستنفرين من مختلف الفئات، الذين لعبوا دورًا رئيسيًا في صمود الجيش، كما نوّه إلى الدور البارز للقوى السياسية الوطنية والمجتمعية التي ساندت الجيش في معركة الكرامة، موجهًا شكره لكل من دعم القوات المسلحة بأمواله وأقلامه وجهوده.
وأوضح البرهان أن مشاورات القوى السياسية الوطنية والمجتمعية لرسم خارطة طريق للحوار السوداني يجب أن تؤخذ توصياتها ومخرجاتها بعين الاعتبار لاستكمال الفترة الانتقالية، وأكد أن هذه القوى ستكون جزءًا أساسيًا من النصر القادم في جميع أنحاء السودان.
وأشار إلى أن الباب لا يزال مفتوحًا أمام أي شخص يتخذ موقفًا وطنيًا، مرحبًا بكل من يرفع يده عن القتال وينحاز للصف الوطني، كما وجه الجهات المختصة في الجوازات بعدم منع أي سوداني من الحصول على جواز سفر أو أوراق ثبوتية، مؤكدًا أن الاختلاف في الآراء لا يعني العداء.
الحكومة الجديدة
أعلن البرهان أن الفترة المقبلة ستشهد تشكيل حكومة لإدارة المرحلة الانتقالية، موضحًا أنها ستكون حكومة تصريف أعمال أو حكومة حرب تهدف إلى دعم الدولة في استكمال المهام العسكرية، خاصة تطهير البلاد من المتمردين. وأضاف أن الحكومة ستكون من الكفاءات الوطنية المستقلة، مشددًا على ضرورة ابتعاد المؤتمر الوطني عن المزايدات السياسية، وأن عليه التنافس في المستقبل مع القوى السياسية الأخرى.
وأكد رئيس مجلس السيادة عزمه على المضي قدمًا نحو بناء دولة سودانية قوية ذات شأن، مشيرًا إلى أن اختيار رئيس الوزراء سيتم بعد إجازة الوثيقة الدستورية، حيث سيتولى مهامه في إدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل.
الخسائر البشرية والإنسانية
ترافقت هذه التطورات العسكرية مع تصاعد الخسائر البشرية في صفوف المدنيين. فقد أعلنت وزارة الصحة بولاية الخرطوم أن 44 مدنيًا سقطوا بين قتيل وجريح جراء قصف مدفعي نفذته قوات الدعم السريع على مستشفى النو بأم درمان. وتعتبر مثل هذه الحوادث جزءًا من سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون جراء النزاع المستمر.
إلى جانب ذلك، أشارت تقارير حقوقية إلى تزايد معاناة السكان المدنيين نتيجة انقطاع الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء، ونقص الإمدادات الطبية والغذائية. وذكرت مصادر محلية أن العديد من العائلات تحاول الفرار من مناطق الاشتباكات، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان.
الخلفية والصراع المستمر
اندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، في عدة مناطق بالسودان، خاصة العاصمة الخرطوم. وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها أطراف عربية وأفريقية ودولية للتوسط لوقف إطلاق النار، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، مما أدى إلى استمرار النزاع وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
ويعد الصراع بين الجيش والدعم السريع أحد أكبر التحديات التي تواجه السودان في المرحلة الحالية، إذ تسبب في نزوح مئات الآلاف من السكان إلى المناطق الأكثر أمانًا داخل البلاد وخارجها، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من كلا الطرفين.
ومع استمرار الجيش السوداني في تقدمه الميداني، تظل الأوضاع في السودان معقدة، في ظل رفض أي حلول تفاوضية وتصاعد الاشتباكات. ويبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن الجيش من استعادة السيطرة الكاملة على العاصمة وإنهاء القتال، أم أن الصراع سيستمر ليزيد من معاناة الشعب السوداني؟
في ظل هذه التطورات، تظل الحاجة ملحة إلى جهود دولية وإقليمية مكثفة لإنهاء النزاع وإيجاد حلول دائمة تضمن الاستقرار والسلام في السودان، وتحد من التداعيات الإنسانية المتفاقمة التي أثرت بشكل كبير على المدنيين الأبرياء.